إلا ببعض ما خوّفنا به لكنا محقوقين أن يشتدّ خوفنا مما لا طاقة لنا به، ولا صبر لقوّتنا عليه، وأن يشتدّ شوقنا إلى ما لا غنى لنا عنه، ولا بدّ لنا منه، فإن استطعتم عباد الله أن يشتدّ خوفكم من ربكم فافعلوا، فإن العبد إنما تكون طاعته على قدر خوفه، وإنّ أحسن الناس لله طاعة أشدّهم له خوفا.
وانظر يا محمد: صلاتك كيف تصلّيها، فإنما أنت إمام ينبغى لك أن تتمّها، وأن تحفظها بالأركان، وأن تصلّيها لوقتها، فإنه ليس من إمام يصلّى يقوم فيكون فى صلاته وصلاتهم نقص، إلا كان إثم ذلك عليه، ولا ينقص من صلاتهم شئ.
واعلم أن كل شئ من عملك يتبع صلاتك، فمن ضبّع الصلاة فهو لغيرها أشدّ تضييعا، ووضوءك من تمام الصلاة فأت به على وجهه، فالوضوء نصف الإيمان، أسأل الله الذى يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الأعلى، أن يجعلنا وإياك ممن يحبّه ويرضاه، حتى يبعثنا على شكره وذكره وحسن عبادته وأداء حقه، وعلى كل شئ اختاره لنا فى دنيانا وديننا، وأولانا وأخرانا، وأن يجعلنا من المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
فإن استطعتم يأهل مصر أن تصدق أقوالكم وأفعالكم، وأن يتوافق سرّكم وعلانيتكم، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم فافعلوا، رحمكم الله وعصمنا وإياكم، وسلك بنا وبكم المحجّة (١) البيضاء، وإياكم ودعوة الكذّاب ابن هند، وتأمّلوا واعلموا أنه لا سواء، وإمام الهدى وإمام الرّدى، ووصىّ النبى، وعدوّ النبى، جعلنا الله وإياكم ممن يحبّ ويرضى، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:«إنى لا أخاف على أمتى مؤمنا ولا مشركا، أمّا المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيخزيه الله بشركه، ولكنى أخاف عليكم كل منافق اللسان يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون».