للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم، ولئن أخطأنا سبيل إرشادكم فما أخطأنا سبيل حسن النيّة فيما بيننا وبينكم، ثم قد تعلمون أنّا ما أوصيناكم إلا بما قد اخترناه لأنفسنا قبلكم (١)، وشهرنا به فى الآفاق دونكم، ثم نقول فى ذلك ما قال العبد الصالح لقومه: «وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»، فما كان أحقّكم فى تقديم حرمتنا بكم (٢)، أن ترعوا حقّ قصدنا بذلك إليكم، وتنبيهنا على ما أغفلنا من واجب حقكم، فلا العذر المبسوط بلغتم، ولا بواجب الحرمة قمتم، ولو كان ذكر العيوب برّا وفضلا (٣) لرأينا أن فى أنفسنا عن ذلك شغلا.

وإن من أعظم الشّقوة، وأبعد من السعادة، ألّا يزال يتذكر زلل المعلّمين، ويتناسى سوء استماع المتعلمين، ويستعظم غلظ العاذلين، ولا يحفل بتعمّد المعذولين.

عبتمونى بقولى لخادمى (٤) أجيدى عجنه خميرا كما أحدته فطيرا (٥)، ليكون أطيب لطعمه، وأزيد فى ريعه. وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ورحمه لأهله:

«املكوا العجين فإنه أريع للطّحين (٦)».

وعبتم علىّ قولى: من لم يعرف مواقع السّرف فى الموجود الرخيص، لم يعرف مواقع الاقتصاد فى الممتنع الغالى، فلقد أوتيت من ماء الوضوء بمكيلة (٧) يدل حجمها


(١) وفيه «إلا بما اخترناه لكم ولأنفسنا قبلكم».
(٢) وفيه «فما كان أحقنا منكم فى حرمتنا بكم أن ترعوا حق قصدنا بذلك إليكم على ما رعيناه من واجب حقكم».
(٣) وفيه «ولو كان ذكر العيوب يراد به فخر».
(٤) هو خادم وهى خادم وخادمة.
(٥) الفطير: ضد الخمير، وهو العجين الذى لم يختمر، وفى العقد «أجيدى العحين فهو أطيب لطعمه وأزيد فى ريعه. والربع: النماء والزيادة.
(٦) ملك العجين كضرب وأملكه وملكه: أنعم عجنه، وفى العقد «املكوا العجين فإنه أحد الريعين».
(٧) المكيلة ما كيل به، وفى الأصل «بكيلة» وهو تحريف، والكيلة بالكسر: اسم من الكيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>