للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدّتهم فاضلة (١)، وبأسهم شديد، وعلى بلد منيع وإن- كان سهلا- كئود (٢)، لبحوره وفيوضه ود آدئه (٣) إلا أن توافقوا غيضا من فيض (٤).

وإذا لقيتم القوم، أو أحدا منهم فابدءوهم الشّدّ والضرب، وإياكم والمناظرة لجموعهم، ولا يخدعنّكم فإنهم خدعة مسكرة، أمرهم غير أمركم، إلا أن تجادّوهم، وإذا انتهيت إلى القادسيّة- والقادسية باب فارس فى الجاهلية، وهى أجمع تلك الأبواب لمادّتهم، ولما يريدونه من تلك الآصل (٥)، وهو منزل رغيب، خصيب حصين، دونه قناطر، وأنهار ممتنعة- فتكون مسالحك (٦) على أنقابها، ويكون الناس بين الحجر والمدر، على حافات الحجر، وحافات المدر، والجراع بينهما، ثم الزم مكانك فلا تبرحه، فإنهم إذا أحسّوك أنغضتهم (٧) رموك بجمعهم الذى يأتى على خيلهم ورجلهم، وحدّهم وجدّهم، فإن أنتم صبرتم لعدوكم، واحتسبتم لقتاله، ونوبتم الأمانة، رجوت أن تنصروا عليهم، ثم لا يجتمع لكم مثلهم أبدا، إلا أن يجتمعوا وليست معهم قلوبهم، وإن تكن الأخرى كان الحجر فى أدباركم، فانصرفتم من أدنى مدرة من أرضهم، إلى أدنى حجر من أرضكم، ثم كنتم عليها أجرأ، وبها أعلم، وكانوا عنها أجبن، وبها أجهل، حتى يأتى الله بالفتح عليهم، ويردّ لكم الكرّة».

وكتب إليه أيضا باليوم الذى يرتحل فيه من شراف:

«فإذا كان يوم كذا وكذا، فارتحل بالناس حتى تنزل فيما بين عذيب الهجانات، وعذيب القوادس، وشرّق بالناس، وغرّب بهم».

(تاريخ الطبرى ٤: ٨٩)


(١) زائدة.
(٢) عقبة كئود وكأداء: صعبة.
(٣) الدآدئ جمع دأداء وهو الفضاء وما اتسع من التلاع والأودية.
(٤) غاض الماء غيضا: قل، وفاض فيضا: كثر، والمعنى قليلا من كثير.
(٥) الآصل والأصول: جمع أصل، ورغيب: أى يرغب فيه لملاءمته.
(٦) المسالح: جمع مسلحة كمرحلة، وهى القوم ذو وسلاح. والأنقاب جمع نقب بالفتح، وهو الطريق بين الجبلين. والمدر: قطع الطين اليابسة، والمدن والحضر، والجراع. جمع جرعة كوردة وتحرك: وهى الرملة الطيبة المنبت لا وعوثة فيها.
(٧) أى حركتهم وأثرتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>