للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحدث (١) فلم يجز إثباتها عليه.

واختلفت الرواية عن أحمد: هل يقال بأنه مستو على عرشه بحد أم لا؟ نقل حنبل عنه أنه قال: "ربنا على العرش بلا حد ولا صفة" (٢). فقد نص على نفي الحد.

وأومأ إليه في رواية يعقوب بن العباس الهاشمي (٣) وقد سئل عن قول ابن المبارك (٤): ربنا على العرش بحد (٥). ما معنى الحد؟ قال: "لا أعرفه (٦)


= إلا أن يدل عليها دليل شرعي ويكفي في ذلك كلمة الإمام مالك المشهورة "الاستواء معلوم والكيف مجهول". اعتقاد أهل السنة (٣/ ٣٩٨) والمعنى اللغوي المناسب هو العلو والارتفاع على العرش كما قال ابن جرير الطبري في تفسيره (١/ ١٩٢). أما إضافة قيود مثل ما ذكر هنا من منع المماسة والمباينة فهذه قيود تحتاج إلى أدلة شرعية. وفيها منع المعنيين المتقابلين وهو الاتصال والانفصال وذلك باطل، لأنه إذا كان جل وعلا على العرش فهو إما متصلًا به أو منفصلًا عنه، والاتصال معنى غير صحيح لغناه جل وعلا عما سواه وحاجة وفقر كل شئ إليه، أما الانفصال فهو معنى صحيح وهو الذى يعبر عنه السلف بقولهم "وهو فوق عرشه بائن من خلقه".
(١) صفات الحدث المراد بها صفات المخلوقين، وإذا كانت الصفة واردة في الشرع فالواجب إثباتها ونفي التشبيه وذلك بناء على قوله ﷿ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].
(٢) ذكر الرواية القاضي في إبطال التأويلات ونصها عنده "نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدود ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد"، ونقلها أيضا شيخ الإسلام في تلبيس الجهمية (١/ ٤٣٠) وعزاها إلى الخلال في السنة.
(٣) يعقوب بن العباس الهاشمي: قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبي عبد الله مسائل صالحة حسان مشبعة سأل عنها أبا عبد الله. طبقات الحنابلة (١/ ٤١٦).
(٤) هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم المروزي أحد الأئمة قال سفيان بن عينية: نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلا على ابن المبارك إلا بصحبتهم النبي وغزوهم معه. توفي سنة ١٨١ هـ. تهذيب التهذيب (٥/ ٣٨٦).
(٥) رواها عنه الدارمي في الرد على بشر المريسي ص (٢٤).
(٦) ذكرها شيخ الإسلام في تلبيس الجهمية (١/ ٤٢٨) وعزاها إلى السنة للخلال.

<<  <   >  >>