رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلبَ إليه حاجة، قالوا: نعم، فلما رجعوا أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألتُه عن أشياءَ قال أبو فَضالة: حفظتُها قال: قلتُ: أعطني المصحفَ الذي عندَك، قال: فأعطاني واستعملني عليهم، فكنتُ أؤُمُّهم حتى جئت ".
وما على أحد شك ولا شبة فيما كان عليه عثمان بن أبي العاص من
التوفر والحرصِ على تعلم القرآن لمّا وفَد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلقُّنه منه، حتى قيل إنه لم يلبث إلا يسيراً حتى تحفَّظَ القرآنَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلب منه مصحفَهُ فأعطاه، ولولا أنه أكثرُ قومِه الوافدين معه قرآنا وأخْذا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يولِّهِ الصلاةَ عليهم، ولم يوقّره ويستعمِله عليهم، ولم يُقدِّمُوه في صلاتهم، ولم يخصَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإعطائه مصحفَه على ما ورد في هذه الرواية، وهذا الظاهرُ من الأمرِ يدل على أنّ عثمانَ كان أيضاً ممن حفظ القرآنَ وجمعَه على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولو تُتبعَ هذا لطالَ وكَثرُ واتسعَ الخَرْقُ فيه، وإذا كان ذلك كذلك، لم
يكن لقولِ من قال إلَّه لم يَجمع القرآن على عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أربعةُ نفر: معنىً، ومثلُ روايته التي يتعلقُ بها في ذلك يقتضي أن يكونَ قد حفظه نحوُ عشرينَ رجلاً، وإذا كان ذلك كذلك زال التعلُّقُ علينا بما ذكروه، فإنّ القولَ بأنّ فلاناً جمع القرآنَ كلَّه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دونَ غيره قولٌ يتعذرُ العلمُ بالوصولِ إلى حقيقته، لأنه لا يمكنُ علمُ ذلك مع قيامِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، واتصالِ نزولِ الوحي عليه، والعلمِ بتجويزِ