سجدة في القرآن، منها ثلاثٌ في المفصَّل وفي الحج سجدتان "، وهذا
الخبر يُوجب ظاهرُه في غالب الحال جمعَ عمرو بن العاص جميعَ القرآن
على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه لا يمكن أن يتفق أن لا يتحفظ عمرو من هذه السورة إلا سجودَ القرآن فقط، ولا اتفق هذا لغيره، ولا يُعلَمُ أنّ أحداً اعتمدَ على ذلك وقصَدَهُ وحدَه، ولو كان ذلك مما انفرد به عمرو لكان مُفارِقاً لعادة القوم وما نحن أيضاً عليه في هذا الوقت ولَوجبَ أن يظهرَ ذلك عنه وأن يبحث عن غرضٍ فيه وأن يكونَ من الناس قولٌ في هذا الباب.
وفي عدم ذلك دليلٌ على أنه كان يَعرِضُ القرآنَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنّه وقفهُ على السجدات التي في القرآن وفصَّلها له، وعرَّفه مواضعَها، وهذا أمرٌ لا يُصنَعُ مع المبتدىء ولا يُؤخَذ به، فوجبَ لظاهر الحال من هذه الروايةِ أن يكونَ عمرو ممن جمعَ القرآنَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وروى مباركُ بن فَضَالة قال: حدّثني أبو مُحرِز مولى عثمانَ بن
أبي العاص، عن عثمان بن أبي العاص قال: "وفدتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ناس، فكنتُ أنا أصغرَهم، قال: فلمّا قدمنا المدينةَ خلّفوني أحفظُ متاعهم، قال: فقلت لهم: إني أشترطُ عليكم أن تنتظروني حتى آتيَ