أنتم مع ذلك مختلفون في تأويلِ هذه السبعة الأحرفِ ومُدْهَشونَ في تفسيرها
ولا تعرفونَ شيئاً نحكُونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها.
فإن كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عندَكم قد بئنَ هذه الأحرفَ السبعةَ ونصَّ عليها، وعرفَ أجناسَ اختلافِها وما هي، وكيفَ يجبُ أن يُقرَأَ بها، وأوضحَ ذلكَ وقطعَ العُذرَ فيه وأنتم مع هذا مختلفون في ذلكَ الاختلافَ
الكثير، فلا تجدون خبراً تَرْوونه عن النبي صلى الله عليه في تفصيل هذه
الأحرفِ السبعةِ والنص عليها والتعريفِ لكلِ شيءٍ منها، إما لانقطاعِ الخبرِ
عن النبى صلَّى الله عليه عن ذلك أو دُثُورِه، أو لعناد الأمة وغَلَطِ سائرِ النقَلةِ
أو لغيرِ ذلك، فما أنكرتمُ أن يكونَ رسولُ الله صلَّى الله عليه قد نصَّ على
قرآنٍ كثيرٍ شُهِرَ أمرهُ وأُعلن النصُّ عليه وقُطِعَ العُذرُ في بابه، وإن جازَ أن
يجهَلَه بعضُ الأمّة ويُنكِرَه ويذهبَ عن معرفتِه، وجازَ أيضا أن ينقطعَ ذكرُه
ويعفُوَ أمرهُ ويَهِيَ نقلُه ويَندرِسَ ذكرُه، حتى يصيرَ إلى حدّ ما لا يُروى عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يُذكر كما جرى مثلُ ذلك في اندراسِ ذكر تفصيلِ الأحرف.
وإن كان الرسول صلى الله عليه عندَكم لم يُبين هذه الأحرفَ التي أُنزِلَ
القرآنُ بها وجرت الأمّة في القراءةِ بأنها شاؤوا، وأُمروا أن يعتقدوا أنها كلها
منزَلة مِن عندِ الله ومما لا يجوزُ ردُّه وإنكارُه وتَسخُطُه، وأنّ ذلك رخصة منه
وتيسير على عبادِه واستصلاح لخَلْقِه، ومما يجبُ أن يعلموا أنه منزَلٌ من