وَحيهِ ومشروعٌ في دينه، أو بيَّنها لآحادِ وأفرادِ من أُمتِه لا يُحتَج بخبرِهم ولا
تقطَعُ العذرَ نقلُهم، فما أنكرتم أيضا من أنَّه يجوزُ أن لا يبيّنَ كثيراَ من القرآن
الذي أُوحِيَ به إليه، ولا ينص عليه ولا يبلغُ كثيراَ من فرائضِ الذين ونوافِلِه
وما شُرعَ للأمةِ معرفتُه وأن يَصْدِفَ عن ذكرهِ جُملة، أو يثبتَه لآحادِ وأفرادِ لا تقومُ الحجَّة ُ بهم، ولا يُوجِبُ العلمَ خبرُهم، كما صنعَ ذلكَ في الأحرفِ التي أُمِرَ بتعريفها وبلاغِها والنص عليها.
قالوا: وهذا مما لا جوابَ لكم عنه، وهُو من أدل الأمورِ على تخليطِكم
هذا، على أنكم قد رويتم أيضًا في هذه الأخبارِ تفسيرا لهذه السبعةِ الأحرفِ
عن النبى صلَّى الله عليه والصحابةِ لا يجوزُ ولا يمكنُ أن تكونَ تفسيراَ لها
على قولنا وقولكم، لأنكم رَوَيتم أنها تحليلٌ وتحريم ووعدٌ ووعيدٌ وقَصَص
وأمثال وأمر ونهي، وأنتُم مع هذا ترَون أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فاقرؤوا كيف شِئْتُم"، وقال فيمَن قرأ عليه بالأحرفِ المختلفة: "أصبتُم وأحسنتم".
وأنّه قال: "فبأيها قرأتُم فقد أصبتُم وأحسنتم ".
فيجبُ على قولكم وروايتِكم هذه أن يكونَ مَن جعلَ مكانَ الأمرِ نهيا وموضعَ الوعيدِ وعداَ ومكانَ القَصَصِ أمراَ ونهياَ فقد أصابَ وأحسَنَ وأجمل، وهذا جهل مِن قائِلهِ وخلافُ دينِ المسلمين.
وكيف يكونُ أمرُ القرآنِ فيهم ظاهراَ مشهوراَ، وقد رَوَيتم في هذه
الأخبارِ أنّ أُبيًّا وعُمرَ بن الخطاب وعبدَ الله بنَ مسعودِ نافروا هشامَ بن حكيمِ
وغيرَه لما قرأ بخلافِ قرائتهم وردوها حتى ترافعوا إلى رسول الله صلى الله
عليه فأقرَّهم جميعا على ما قرؤوا به، وشُهرةُ القرآن تُوجِبُ علمَهم جميعا