والقدحَ في الدِّين وفي رَسُولِ رب العالمين المختص بأبي بكرٍ وعمرَ
والمادحِ لهما والمحسنِ للثناء عليهِما، أو متكسِّب متأكِّل بما يُظهرهُ من ذلكَ
مع خلوِّ قلبِه من اعتقادِه وخوفِ سَخَطِ اللهِ تعالى وتعجيلِ العقابِ والنَكالِ له
بما يصنعُه ويفترِيه، وإنَّما العجبُ مِن العامة ِ والرُّعاع منكم الذين يتسرعون
إلى تصديقِ هذا التآويلِ ويُقْدِمونَ على البراءةِ من أَبي بكرٍ وعمرَ لأجلِه.
وفيهم من يُفسِّرُ للعامةِ كل آيةٍ نزلت في الظالمينَ والمشركينَ والفاسِقين في
أبي بكرٍ وعمرَ وجماعةِ الصّحابةِ سِوى نفرٍ تستثنُونهم فيتسَرَّعون إلى
قَبول ذلك، ويُنصِتون إلَيه إنصاتَ واثقٍ به وثِلَجِ الصدورِ بما قيلَ فيه.
وهذا مِن جنسِ تفسير مَن قال: إن الخمرَ والميسِر والجبتَ والطاغوتَ
هما أبو بكرٍ وعمرَ، وأن الصلاةَ والصيام والحج رجال، وأن الخمرَ والميسرَ
والأنصَاب والأزلامَ رجال أمِرنا بموالاَةِ بعضهِم والبراءةِ من بعضهم، أو
أنّهما أسماءُ أفعالٍ ممدوحةٍ ومذمُومة، وأن الطلاق والنكاحَ ليس هما الفُرقَة
والعقدَ، وهل بينَ هذا التفسيرِ الذي ارتضُوه لأنفسِهم وبين تفسيرِ الإسماعِيلية
والغُلاة فرق، وهل هُم في ذلكَ إلا بمثابةِ مَن قال: إن محمدَ بنَ إسماعِيلَ
القائمَ المنتظرَ العالِمَ بما ظهر وبطن، قد فسَّر الصلاة َ المذكورةَ في الكتابِ
بأنها هِي الإمامُ نفسُه، وأن إقامَتها هِي لزومُ طاعِته والانقِيادُ له، واستدل
على ذلكَ بقوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) .
والصلاةُ - زعموا - لا تَنهى عن الفحشاء، وإنَّما الإمامُ هوَ الآمرُ
بالمعروفِ والناهي عنِ المنكَر، وأن الصوم إنما هُو الإمساكُ عن ذِكر علمِ
البَاطِن وإظهارِه فقط، فمن فعلَ ذلكَ فقد صام، ولا يجبُ عليهِ غيرُ ذلكَ.
وأن الفِطرَ هو ما أطْلَعَ الأساسُ جميعَ الأئمةِ الستة عليه من أولادِه مِن عُلومِ