له ومتعلّقا به على ما قد بيناه وشرحناهُ في الكلام في المخلوقين، وإذا كان
ذلك كذلك بطل ما تعلقوا به.
فأمَّا تعلق الملحدة والقدريّة بقوله: (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) . وقوله: (فَمَا لَهُم لَا يُؤمِنونَ) .
وقوله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) ، (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) .
في أمثال هذه الآيات مما فيه توبيخ لهم على ترك الإيمان واستبطاءه، وقولُ الفريقين فما معنى توبيخَه إياهم واستبطائه لهم مع قوله: (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) .
وقوله: (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) .
وقوله: (وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) ، وختم عليها بنفس الكفر المضاد للإيمان
الذي يطالبون به، وقوله: (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) . ونحوِ
ذلك.
فالجواب عن سائره أنّه أراد تعالى أن يبيّن لهم بذلك أن جميعَ ما ذكروهُ
من الختمِ والطبعِ وتغشيةِ القلوب والأبصار والتفرِقة بينَ المرء وقلبِه، وغير
ذلك مما ذكره ليس بمنعٍ لهم عن فعل الطاعة والقبول ولا عجزٍ عن ذلك.
ولا جهلٍ بما بيّنه لهم من الحق ودلَّهم عليه من الهدى والرشد، ولا مُخرج
لأدلة التوحيد عن كونه أدلةً ولا مضادةً لكمالِ عقلِ الكافر والضالِّ ومخرجةً
صفةً له عن صفةِ من لو استدل على الحق لعرفه، ولو قصده وآثره لقدر عليه
وتأتى منه، ولو حاوَلَه لم يعوزَه ويتعذر عليه فعله، فكأنّه أرادَ تعالى الإخبارَ
عن أن جميعَ ما فعلتُه بالكافرين وخبَّرتُ به من الطبع على قلوبهم غيرُ مخرجٍ
عن اختيار الكفر وإيثاره وكراهية الإيمان واستثقاله، وأنّهم مختارون للكفر
على الإيمان، ومؤثرون لتركِه عليه، وربما تجاوزوا إيثار ذلك إلى حدّ من