الحجة وينقطع العذر عَلِمنا بأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألقى القرآن إلى جميع الأمة وبيّنه ونشره وأظهر أمره فيهم على طريقةٍ واحدة، وأنه بيّن لهم أنّ يوسفَ، والرعدَ والأحزابَ و (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) .
مما أُنزل عليه وأقر برسمه كما بيّن لهم ذلك في الحمد و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) والبقرة وآل عمران، وأنه كان يبلّغ ذلك ويؤدّيه ويُظهره ويعلنه تبليغاً واحدا وعلى طريقةِ واحدةِ متساوية، وأنه لا يجوز في وضع العادة أن يكون قد عُرف من حال الرسول أنه ربما بيّن بعض القرآن للكافّة أو من ينقطع به العذرُ منهم في نقله عنه، وربما لم يفعل ذلك في بعضه وبيّنه الواحدُ (والاثنان) ومن لا يَحُجُّ خبره، ولا يُعلم صدقه ولا ينقطع العذرُ بقوله، لأمرين:
أحدهما: أنه لا يخلو مدّعي إلقاء ذلك من أن يكون مفصّلاَ لهذا الباب
وعارفا بما يُذكر أن رسول الله ألقاه وبلّغه بلاغاً قطع به العذر، وأقام به
الحجة وما ليس هذه سبيله منه أو غير عارفٍ بتفصيل ذلك، فإن كان عارفا به وادّعى أن البيانَ العامَّ وقع منه في البقرة وآل عمران ولم يقع في الأحزاب
و (لَمْ يَكُنِ)
قيل له: ما أنكرتَ أن يكون ذلك إنما وقع منه في الأحزاب
و (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) والعصر، ولم يقع منه في البقرة وآل عمران والرعد، فلا يجد إلى دفع ذلك طريقاً، لأن الأمة تنقل ذلك عن نبيها نقلاَ واحداَ متساويا، وإن كان غير عارفٍ بذلك قيل له: فأنت لا تعرفُ ما قامت به الحجةُ من القرآن من غيره، ولعل الحمدَ وجميعَ المفصَّل مما لم يقم به الحجة به، ولعل قولَه:(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) .