وجميعَ ما يدّعونه في عليّ وأهل البيت ما لم تقم الحجّة به، ولعلَّ الحجَّة لم تقم بقوله:(يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) .
وجميع ما يدعون أنه نزل فيمن يَبرؤون منه من الصحابة مما لم تقم به الحجَّة فلا يجدون إلى دفع ذلك سبيلاً.
والوجه الآخر: أنه لو عُرف من حال الرسول أنّه ربّما ألقى القرآن إلقاءً
خاصاً إلى الواحد والاثنين لوجب أن ينقل ذلك الأمةُ عنه وأن يُعرفَ من دينه
كما عُرف ذلك من حاله في الأحكام التي كان بيّنهما على الوجهين جميعاً.
فلّما لم يكن ذلك كذلك ولا كان هذا معروفاَ من حال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بطل ما قالوه.
ويدل على فساد ذلك أنّه لو جاز لمدَّعٍ أن يدّعيَ أنّ ما هو من أصل
الدين وأُسُّ الشريعة ومعدن علمها، ومفزع الأمّة المتعبَّدَةِ بها وملجئها.
ومنتهى علمها والفاصل بينها: ما كان يبشِّرُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بياناً خاصاَ لا تقوم به الحجّة لَساغَ أن يدّعي مثل ذلك عليهم في النصّ على الإمام المفروض الطاعة عندهم بعده، ولَساغت هذه الدعوى في بيان كثيرٍ من أركان الصلاة والحج وصيام رمضان وتحريم القتل والخمر والزنا واللواط وغصب الأموال، وأن يقولَ قائلٌ ويتوهَّمَ متوهم أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ربما ألقى كثيراً من أحكام هذه الأمور إلقاءَ خاصَّاً لا تقومُ الحجةُ بمثله، وأنه كان يستثني في حكم جميعها أموراً يسوِّغها لبعض أمته ويلقيها إليه وحدَه دون غيره من تجويز الأكل في أيام الصيام، وإباحة الصلاة بغير وضوء، وترك حضور عرفةَ وطوافِ البيت ورمي الجمار، ويسوغُ له في كثيرٍ من الأوقات