وقد تحتملُ الآية ُ أن يقولوا في جوابِها وجوابِ هذه المطالبة، إنما
أرادَ في الجملة أنه ليسَ لنبي أن يكونَ له أسرى، وإن كان ذلكَ هو الأصلحَ
عند الله، إلا بإذن اللهِ دونَ أمرِه، ولم يخبرِ الله أن رسولَه فعلَ من ذلكَ شيئاً
بغير أمره، وإنما ذكر هذهِ الجملةَ فقط، فكل هذا يبينُ صحة َ التأويلينِ اللذينِ ذَهبنا إليهما دونَ الحكمِ بتخطئةِ الرسولِ في نصٍّ أو اجتهاد.
فإن قالوا: فما معنى قوله: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) ؟
قيل لهم: أرادَ بذلكَ - وهو أعلم - إن منكم من أخذَ ذلكَ تعجلاً لعرضِ الدنيا، ولم يقصد به نُصرةَ الدينِ والأحظَّ للمؤمنين، وأنه أخذهُ مع الغَناءِ عنه، فإما أن تكونَ هذهِ صفةً للرسولِ عليه السلام وأبي بكرٍ وعِلْيَةِ المؤمنينَ الذينَ قالوا إن أخذَه منهم فداءً قوةً للدين، ولعلهم أن يؤمنوا فيُكثروا المسلمينَ، فمعاذَ الله أن يكونَ قصدُ من هذه سبيلُه ابتغاءَ عَرضِ الدنيا، وأن يخلوا أمة وأهلُ عصرِ نبي وعسكرُ إمامٍ وخليفةُ نبيٍّ وإمامٍ من قومٍ تكون الدنيا عندَهم وتعجيلُ أعراضها آثرُ من ثوابِ الآخرة، ويكونون إليها أميل، واللهُ سبحانه إنما عاتبَ هذه الطبقةَ دون من عَداها وهذا بيِّنٌ في سُقوطِ ما قالوه.