وقال آخر:
ثلاثٌ واثنتانِ فهنَّ خمس ... وسادسةٌ تميلُ إلى ثمانِ
ولم يستهجن هذا أحد في تخاطب أهل اللسان وعادتهم، وكذلك حكمُ
قوله: (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) ، وقوله تحالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) .
والوجه الآخر: أنه قال تلك عشرة كاملة، أخرجَ الواوَ هاهنا عن أن
تكون بمعنى التخيير وبمثابة قوله أو سبعة إذا رجعتم، كما قال: (مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) ، يعني أو ثلاث أو رباع، فكان يجوزُ أن يظن ظان أو السبعةَ في الحضر بدل من صيام الثلاثة في السفر، وأنه للتخيير وبمعنى أو.
فرفع سبحانَه جوازَ ذلك وقطعه بقوله تلكَ عشرةٌ كاملة.
ويُحتمل أيضاً أن يكون إنما أراد تلكَ عشرةَ كاملة، ليدلَّ بذلك أن
السبعةَ في الحضَرِ هي أيام أيضاً، لأنه لو قال فصيامُ ثلاثة أيامٍ في الحج
وسبعة إذا رجعتم، وقال: أردتُ سبعةَ أشهرٍ أو سبعَ سنينَ أو أسابيع لساغ
ذلك، فلما قال: تلكَ عشرةَ كاملةٌ دل بذكر العشرة والكمالِ على أن السبعة أيام، لا يحسنُ أن يقالَ ثلاثةُ أيامٍ وسبعُ سنين، أو سبعةُ أرطالٍ عشرة كاملة، وإنما دخلَ ذكرُ التكميل في جنس المعدود.
ويُحتمل أيضاً قولُه كاملة أنها كاملةُ الأجر والثواب، وإذا كان ذلك
كذلك سقطَ جميعُ ما يتعلقون به من هذا الجنس سقوطاً بيّناً.
قالوا: ومما يدلُّ أيضاً على وقوع الفسادِ والتخليطِ من القوم في القرآن.
ودخولِ الخللِ في الكتاب ما نجده فيه من الكلام المنقطعِ عن تمامِه ونظامِه
والمتصل بما ليس من معناهُ في شيء، نحو قوله في العنكبوت في قصة