حفظه وتحصيله، لأن علياً عليه السلامُ جمَعَه وقرأ به، لأن ذلك ليس مما
يُوجب حفظَ الرسول له، وتمكينَه من أدائه، ولا ضمانَ من الله سبحانه
لمعونته على جمعِه وتسهيلِ سبيلِه له، وكذلك لو قال بأن جبريلَ جمعه وقرأ
به لم يكن مفيدا لشيء، وإنما قال اللهُ سبحانه: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) ، على سبيل الإخبار له عن معونته في جمعه له وحفظه إياه، على
وجهٍ يتمكَّنُ به من تعلمه وأدائه، وحفظُ الغير له لا يُوجبُ كونَ النبي صلى
الله عليه على هذه الصفة، فبطلَ ما قالوه.
ثم يُقال لهم: قد أجمع المسلمون وسائرُ أهل التأويل على أنَّ هذا
الكلامَ إنما خُوطِبَ به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقتَ نزول القرآن عليه وعندَ
تلقيه الوحيَ من جبريل، وشدةُ حرصه على تحفُّظه لتفهُّمه وأدائه، لم يكن
حفظُ ذلك والقراءةُ له عند عليِّ ولا عندَ غيره من الأمة، فكيف يجوز أن
يُقال له: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) ، وبعدُ لم يحصل للرسول حفظُه
ولا كان منه أداؤه، وترى أنه متى جمعه علي وقرأ به في الذرِّ الأول أو في
القِدَم، أو بُعِثَ به إليه قبلَ الرسول ونسخه، أو ألهمهُ واضطر إليه وصَعُبَ
حفظه وتلقيه على الرسول، ولولا جهل من يتعلق بهذا ويورده لوجب تركُ
الإخبار به.
ثم يقال لهم: إذا كان السلفُ قد أسقط من القرآن شيئا كثيراَ وحذفه
جملةً ولم يصحِّفه ولم يبينه إلى غير معناه وكانوا قد سمعوا هذه الآيةَ في
تعظيم شأن علي عليه السلام وهم من قلة الدين والإدغال له والعناد لعلي
عليه السلام على ما وصفهم: وجبَ أن يحذفوا أيضًا هذه الآيةَ من الكتاب،