للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفنيد هذه البشهة ونقضها:

اعتناء علماء الحديث بنقد السنة نقداً دقيقاً واسعاً حقيقة لا يماري فيها أحد. وآثارهم تشهد بذلك الإهتمام أما نقد المتن فلم يبلغ عشر معشار نقد السند، وهذه حقيقة، لا يماري فيها أحد كذلك.

ففي نقد السند تتبعوا الرواة واحداً واحداً، حتى لكأنهم كانوا يرونهم رأي العين.

أما في نقد المتن، فقد وضعوا قواعد كلية ضابطة يمكن بمراعاتها معرفة الحديث المقبول، ومعرفة الحديث المردود. فهم - أعني علماء الحديث - لم يهملوا نقد المتن كلية، بل لهم فيه عمل حكيم محمود، وإن جحده الجاحدون فليس ما تقدم موضع جدل عندنا، وإن كان كلام منكري السنة يوهم بأن علماء الجديث لم ينقدوا المتون أي نقد واسعاً أو ضيقاً.

لكن هل يؤاخذ علماء الحديث على هذا لاسلوك؟ وهل عدم التوسع في نقد المتون دليل على أن الأحاديث المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بضاعة مغشوشة، يجب اطراحها ونزع الثقة عنها؟!

وفي الرد على هذين السؤالين نقول في إيجاز شديد:

لا يؤاخذ علماء الحديث على توسعهم في نقد السانيد، وقلته في نقد المتون، لأن لكل من الأمرين ما يقتضيه.

لأن النقد الأول موضوعه الرجال الذين تسلسلت الرواية عنهم، وهم لا يحصوزن عدداً، فالحديث الواحد يكون في سنده عشرة رجال أو أقل أو أكثر.

ولابد من فحص كل واحد منهم فإذا فرضنا أن (أ) كتب مصنفاً في الحديث خرَّج فيه ألف حديث، وكان متوسط السند خمسة رواة في كل حديث فمعنى ها أنه لابد أن يكون لدية دراية بسيرة خمسة آلاف رجل. وليس هذا بالأمر السهل اليسير، ومعرفة سيرة هؤلاء الرواة كلهم ضرورة لابد منها لتوثيق الحديث المروي، ومعرفة لقبه:

<<  <   >  >>