للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحيح - حسن - ضعيف - موضوع. ونقد السند هو في حقيقة الأمر خادم لمتن الحديث، ولولا خدمة الحديث نفسه ما كان نقد السند، فالأمران متصلان لا منفصلان، وإن غابت هذه البدائه عن منكري السنة أجمعين.

نقد السند أولى:

وعلى نقيض ما يدعى منكرو السنة وأعداؤها. من رمي علماء الحديث بالقصور في الإهتمام بنقد السند دون نقد المتن، فإن علماء الحديث كانوا موفقين كل التوفيق من الله في ما صنعوا لأن نقد السند أولى من نقد المتن.

فقد عرفنا أن نقد السند موضوعه أخبار وسير الرواة، وهي أمور مخبوءة، لأنها أسرار حياتهم وسلوكياتهم، فذكر الراوي في الحديث لا يكشف عن سيرته، ولا يُحدَّث عن أخباره، فكان تتبع هذه السير والأخبار والأسرار ضروريا في توثيق الحديث والسنن.

ونحن - الآن - إذا قرأنا حديثا بسنده، وعرفنا أسماء الرواة لا تتضح لنا من رسم أسمائهم أخبارهم وسيرهم التي كانوا عليها وهم أحياء، وكفانا هذا كتب الجرح والتعديل، وما قاله علماء النقد في كل راوٍ منهم.

أما متن الحديث فهو يحمل في طياته أخباره ومعانيه. وفي استطاعة أهل العلم أن يعرفوا الحديث المقبول من الحديث المردود النظر العابر في معناه ومضمونه، فمثلاً ما يروى في الموضوعات على أنه حديث مثل:

"النظر إلى الوجه الجميل عبادة" ندرك ببديهة النظر أنه مكذوب موضوع لم يقله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان سنده من أصح الأسانيد: مالك عن نافع عن ابن عمر مثلا.

فالمتن يحمل معه مقتضيات الحكم عليه دون السند، ولو كان علماء الحديث قد عكسوا فتوسعوا في نقد المتن واقتصدوا في نقد السند لكانوا فعلاً أهلاً للمؤاخذه واللوم.

<<  <   >  >>