فيصحو من كان نائماً، ويتنبه من كان غافلاً، ويتذكر من كان ناسياً، ثم يهرع الجميع إلى المسجد، ومن كان ذا عذر صلى في بيته، بمقتضى الأذان الذي سمعه، وهو خبر آحاد ما في ذلك نزاع.
وبعض الخلفاء كان يهم ليحكم في المسألة تعرض عليه برأية، ثم يتوقف ويسأل اصحاب رسول الله إن كان عندهم علم عن رسول الله في المسألة، فإذا وجد قضاء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى به وقال: لولا هذا لقضينا برأينا، حتى كان الذي أخبره بقضاء رسول الله رجلاً واحداً، وهذه أولى درجات حديث الأحاد، أعني رواية الواحد الفذ، فهل بعد هذا يسوغ أن يقال: أن أحاديث الآحاد لا تقبل ولا يعمل بها؟!.
ثم ما أكثر الوقائع التي قضى فيها الخلفاء الراشدون بحديث الآحاد سواء كان الراوي أكثر من واحد أو واحداً فقط.
فقد قضى به أبو بكر - رضي الله عنه - في توريث الجدة من الأم السدس لما ذكر له الغيرة بن شعية، ومحمد بن مسلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس.
وقضة به عمر بن الخطاب في دية "الجنين" إذا سقط بفعل فاعل، لما أخبره جمل بن مالك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة (أمه - أو عبد) .
وقضى به عمر بن الخطاب في أخذ الجزية من المجوس لما أخبره عبد الرحمن بن عوف بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"سُنوا فيهم سنة أهل الكتاب".
وقضى به عثمان - رضي الله عنه - في اعتداد المرأة المتوفى عنها زوجها في بيت الزوجية حتى تنقضي عدتها، لما أخبرته الفريعة بنت مالك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تعتد في بيت زوجها عقب مقتله وقال:"امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" فقضى عثمان واقعة أخرى مماثلة لواقعة الفريعة عملاً بحديث الآحاد الذي أخبرته به الفريعة.
وكذلك فعل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وقد روى عنه قوله: "كنت إذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثاً نفعني الله به ما شاء أن