هذه الشبهة مبالغ فيها من قبل الذين يروجون لها الآن، بل هي أقوال مذكورة على عواهنها لا تثبت أمام النقد.
وأشهرها، بل وأقواها الواقعة المنسوبة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.
فقد ذكرها الإمام الذهبي في كتابه [تذكرة الحفاظ: ج ١ ص ٥] مع سند طويل لها نقله الحاكم، والقصة بيمامها مع حذف السند، جاء فيها:
"قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيراً، فمعنى فقلت: أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية، هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها؟ فقلت: لم أحرقها؟ قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عنها، رجل أئتمنته ووثقت [فيه] ولم يكن كما حدثني، فأكون قد نقلت ذاك".
هذه هي القصة، والإمام الذهبر من عادته في هذا الكتاب أن يسرد الأقوال دون التعليق عليها، ولكنه علق على هذه الرواية بقوله:"فهذا لا يصح، والله أعلم".
والذهبي إمام لا يشق له غبار في علوم الحديث ونقده وعبارته هذه ذات دلالة قاطعة على شكه في صحة هذه الرواية.
أما نحن فنرى صحتها وعدم صحتها سواء في أنها تخلو من الغرض الذي أراده منها زنادقة العصر، وأعداء سنة صاحب المقام المحمود.
هم يريدون منها أن ابا بكر - رضي الله عنه - أحرق ما عنده من أحاديث باعتبارها زيادة في الدين لم يأذن الله بها، أو - على الأقل - لعدم الثقة في رواة الأحاديث جميعاً. وما دام أبو بكر - مع صحبته وقرب عهده بالرسول قد