للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشكك إلى هذا الحد في بطلان الرواية عنه، فما بال الأمة في عصر "العولمة" تحتفظ بهذه الأحاديث؟ أليس لهم في صنع أبي بكر أسوة حسنة؟ أم هي الآن أدرى بالسنة من أبي بكر رفيق النبي في الغار، وصاحبه الذي ما كان يمر يوم دون أن يراه ويسمعه؟!

إن هذه القصة على فرض صحتها ليس فيها دليل على ما أرادوه منها:

فأبو بكر - رضي الله عنه - تردد في صدق الذي أملى عليه مجموعة الأحاديث، فسارع - احتياطاً - إلى إعدامها بالحرق، حتى لا ينشر بين الناس أحاديث لم يتثبت كل التثبت من صدق صدورها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

إنه لم يحرقها - إن كان حقاً قد حرقها - لأنها ليست من الدين كما يدعى منكرو السنة.

ولم يحرقها لعدم الثقة في رواة الأحاديث كلهم كما يروج الآن منكرو السنة الأغبياء.

وإنما حرقها لتردده في صدق راو واحد، هو الذي أملى عليه تلك الأحاديث.

وأبو بكر - مع هذا - لم يتهم من روي له تلك الأحاديث بالكذب عن رسول الله متعمداً، لأنه صحابي، والصحابة كلهم عدول بشهادة القرآن نفسه، وإنما هناك أسباب أخرى، مثل النسيان، وعدم الضبط، والسهر والغفلة وهي كلها أسباب تحمل أصحاب الورع والتقوى من أمثال أبي بكر على دقة التحري، وترك ما يريب.

إن الحق قريب من طلابه المخلصين له، ولكن العناد يورد صاحبه المهالك. وأولى الناس وأقربهم من الهلاك المعاندون.

* * *

<<  <   >  >>