للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القولية كانت محفوظة في صدور الرجال، حاضرة ماثلة في ذاكرة الأمة. فلم تدع ضرورة إلى كتابتها وتدوينها.

الثانية: أن الصحابة الذين عاصرهم رجال الطبقة الأولى من كبار التابعين كانوا محيطين إحاظة كاملة بالسنة العملية، يهتدون بها وبالسنة القولية دون الحاجة إلى الرجوع إلى كتاب مكتوب، وربما كان الصحابة وكبار التابعين يتذاكرون هذه السنن فيما بينهم أو يسأل من جهل شيئاً من السنن من هو عالم بهان وكل هذا قام مقام التدوين فلم يُحْتَج إليه.

ويضاف إلى هاتين الميزتين ميزة ثالثة، لا تقل عنهما قيمة وجدلاً: د

وهمى أن السنة خلال القرن الأول كانت صافية نقية محفوظة في الصدور على الصور التي سُمِعَتْ بها من فم النبي الطاهر.

صافية نقية من كل دخيل وعليل ومكذوب، لأن هذه الآفات والقوادح ألَّمت بالسنة في وقت متأخر عن القرن الأول - كما سيأتي - وفي ظروف وملابسات طارئة ما كان لها وجود فب القرن الأول الهجري، قرن الصفاء والنقاء.

هذه هي الأسباب في قلة تدوين السنة في القرن الهجري الأول تدويناً واسعاً، وليست أسبابها ما يروجه منكرو السنة زوراً وبهتاناً، أن السنة ليست من الدين، فلم يهتم بتدوينها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا الخلفاء، ولا جمهور الصحابة؟! إن قولهم هذا تحريف شنيع لدلالات هذه الظاهرة وكما قيل: إن الإصرار على الخطأ مع يسر الوصول إلى الصواب أمر يدعو إلى الإتهام بسوء النية، أكثر من الدعوة إلى مجرد الخطأ في الاستدلال.

الثالث: تدوين السنة في أول القرن الثاني:

من التهويل الممقوت أن منكري السنة يدعون أن السنة دونت في القرن الثالث الهجري، وقصدهم التأكيد على طول المدة التي أهمل فيها تدوين السنة توصلاً للتشكيك في صحة الرواية، لبُعد ما بين التدوين وبين حياة الرسول التي قيلت أو حدثت فيها السنة القولية والعملية.

<<  <   >  >>