فمحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يكن أول رسول يمزق الله له حواجز الزمان والمكان، ويطلعه على بعض الغيوب التي لم يكن ليعلمها لولا فتح الله عليه بها.
ألو يخبرنا القرآن أن الله أطلع يوسف عليه السلام، وهو غلام، حين ألقاه إخوته في الجب ليتخلصوا منه ويصفو لهم قلب أبيهم ووجهه؟
ألم يقرأوا قوله تعالى:
{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [يوسف: ١٥]
ثم دار الفلك دورته، وجاءت لحظة الإنباء، فقال لهم يوسف عليه السلام:
{قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ} [يوسف: ٨٩]
أليس هذا غيباً كان الله قد أنبا به نبيه يوسف عليه السلام، فوقع كما أنباه الله به.
ثم ألم يقرأوا أن الله منَّ على يوسف مرة أخرى إذا أطلعه على غيب زماني قبل أن يقع بعشرات السنين، أنباه به عن طريق الرؤيا الصادقة.
{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤]
ثم دار الفلك دورته فصدق الله رسوله يوسف تلك الرؤيا لما رأى إخوته وأباه وأمه يحيونه بمصر بعد قدومهم إليها. وفي هذا يقول الحق - عز وجل -:
{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: ١٠٠]
ثم ألم يخرق الله ليعقوب عليه السلام أستار الغيب المكاني فنقل إليه ريح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute