للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(رائحة) ولده يوسف من مصر إلى الشام حتى لكأنهما يتعانقان في مكان واحد، وقد حكى القرآن هذه "المعجزة" على لسان يعقوب عليه السلام: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف: ٩٤]

إن هذه الريح (الرائحة) التي حملتها يد القدرة الإلهية فأمتعت بها مشاعر يعقوب لم يشعر بها مجالسوه في المكان نفسه، فنسبوه إلى التخريف قائلين:

{ ... تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: ٩٥]

ولم يقف عطاء الله الإعجازي على يوسف وأبيه، بل كان لأم موسى - عليه السلام - منه نصيب.

ألم يقل لها أصدق القائلين مخبراً بوحيه إليها: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٧]

فقد أخبرها بأنه سيرده إليها، ويجعله رسولاً، وهذا غيب زماني كما ترى.

ثم وقع هذا الغيب بشقيه: الرد، والرسالة، كما أخبر الله أم موسى:

أما الرد فقال الله فيه:

{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ....} [القصص: ١٣]

وأما الرسالة، فقد قال الله فيها:

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: ١٤]

أفليست هذه غيوباً أطلع الله عليها بعض رسله وأوليائه؟

وكذلك صنع الله - عز وجل - مع رسوله الكريم عيسى بن مريم عليه السلام،

<<  <   >  >>