وقد استنتج منكرو السنة، والقادحون فيها، من هذا التنظير بين المحفوظ والمكتوب أن البخاري - رضي الله عنه - لم يصح عنده من ستمائة ألف حديث إلا ما كتبه هو في صحيحه.
بل إن بعض منكري السنة يهوَّل كثيراً في التشكيك في الحديث النبوي، فادعى أن ٩٧% من الأحاديث النبوية الشريفة مكذوب على رسول الله لأسباب سياسة؟! (ينظر الأهرام العربي ٢٦/٦/١٩٩٩م) .
يعني أن جملة الأحاديث النبوية كلها لم يصح منها إلا ٣%؟!
وهذه دعوة صريحة إلى نزع الشقة عن السنة النبوية كلها ومحوها من الوجود، ليضرب لذلك مثلاً:
لو أن جائعاً كاد يهلك من الجوع وجد مائة تمرة صالحة للأكل، فهمَّ بأن يتناول بعضاً منها لإنقاذ نفسه من الجوع ولكن رجلاً آخر صاح به قائلاً:
أحذر الأكل من هذا التمر، لأن ٩٧ ثمرة منها محقونة بمادة سمية تقتل من أكلها في الحال. فماذا يكون رد الفعل؟
رد الفعل سيكون التوقف الحذر عن الأكل، لأن فيه تعرضاً للموت، أو قل للانتحار.
وهذا ما يريده منكرو السنة من هذه الحملات التي يشنونها ضد السنة النبوية، لحاجة في نفس يعقوب.
تفنيد هذه الشبهة ونقضها:
هذه الشبهة المثارة هنا، خفيفة الوزن جداً، ومنكرو السنة يعلمون أنها خفيفة الوزن، ولكن إغرامهم بتصيُّد الطعون والمعايب، حملهم على هذا العناد الممقوت، مع علمهم كذلك برد خصومهم عليهم.
صحيح أن البخاري - كما قال هو نفسه - كان يحفظ ستمائة ألف حديث، وصحيح أنه لم يدوَّن منها إلا أربعة آلاف حديث.
وليس معنى هذا أن الإمام البخاري لم يصح عنده من محفوظة (ستمائة ألف حديث) إلا هذا القدر القليل (أربعة آلاف حديث) .