للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل الشرعي على ذلك متعدد، ومنه الآيات التي أمر الله فيها بطاعة رسله واتباعهم إذ لو كانوا موضع تهمة أو خطأ أو سهو أو نسيان ما أمرنا الله بطاعتهم طاعة مطلقة، هذا في شأن كل الرسل عليهم الصلاة والسلام.

ومما ورد في شأن رسولنا الكريمن الذي يتطاول عليه الآن المرجفون قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] ومحال أن يكون الإخبار من الله غير مطابق للواقع، لأنه حينئذ يكون الخبر كاذباً، وكلام الله - عز وجل - صدق كله. {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢] وما أكثر الآيات المزكية للنبي، الآمرة بطاعته طاعة مستقلة، المادحة للذين آمنوا به واتبعوه.

وعصمة الأنبياء كما وجبت بإخبار الرشع وجبت باقرار العقل لأن رسل الله أمناء وحي الله ورسالاته، وتصديقهم الجازم واجب ولو جاز - عقلاً - الخطأ عليهم في التبليغ عن الله، لسرى الشك في أقوالهم وأفعالهم إلى كل ما بلغوه عن الله من وحي ومن غير وحي، ولما أمكن تصديقهم تصديقاً جازماً، ولفقدت الشرائع هيبتها، وهذا محال في حكم العقل، كما هو محال في لسان الشرع. هذا هو الحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال.

هذه هي عقيدة المؤمنين الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم - أي بشك - كما جاء في الحديث الشريف.

فالذين ينفون العصمة عن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - تمهيداً لرد سنته وإبطالها - يرتكبون كبيرة، وينكرون معلوماً من الدين بالضرورة، ويقترفون إثماً عظيماً.

ليس في الحديث دليل:

وحديث تأبير النخل، الذي توهموا أنه دليل لهم على نفي العصمة عن رسول الله، ليس لهم فيه دليل، بل هو دليل على جهلهم وعنادهم، شعروا أو لم يشعروا. وإن خيبة الأمل ملازمة لهم في كيدهم للسنة وصاحبها، والأمة جميعاً وويل لهم مما كتبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون.

<<  <   >  >>