للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هديتَه المعجَّلَة السابقةَ إلى أصحابِه ورفقائِه في طلب العلم. وأُشهِدُ الله -وكفى بالله شهيدًا- لو تُوافِيه من أحدٍ (١) منهم لقَابلَها بالقبول، ولَبادَرَ إلى تفهُّمِها وتدبُّرِها (٢)، وعَدَّها من أفضل ما أهدى صاحبٌ إلى صاحبِه، فإن غير هذا من مَاجَرَيَانَاتِ الرَّكْبِ الخبريَّة، -وإن تطلعت [النفوسُ] (٣) إليها- ففائدتها قليلة، وهي في غاية الرَّخص لكثرة جَالِبيها، وإنما الهديةُ النافعةُ كلمةٌ من الحكمة (٤) يُهدِيها الرجلُ إلى أخيه المسلم.

ومن أراد هذا السفرَ فعليه بمرافقة الأموات الذين هم في العالم أحياء، فإنَّه يَبلُغ بمرافقتِهم إلى مقصدِه، وليحذرْ من مرافقة الأحياء الذين في الناس أموات، فإنهم يَقطَعون [عليه] (٥) طريقَه، فليس لهذا السالكِ أنفعُ من تلك المرافقة، وأوفقُ له من هذه المفارقة، فقد قال بعضُ مَن سَلَفَ (٦): "شتَّانَ بين أقوامٍ موتى تَحْيا القلوبُ بذكرِهم، وبين أقوامٍ أحياءٍ تموتُ القلوب بمخالطتِهم".

فما على العبدِ أضرُّ من عُشَرائِه (٧) وأبناءِ جنسه، فإن نظره (٨)


(١) ط: "توافي أحدًا".
(٢) "وتدبرها" ساقطة من ط.
(٣) زيادة من ط، ق.
(٤) "من الحكمة" ساقطة من ط.
(٥) من ط، ق.
(٦) ط: "بعض السلف".
(٧) ط: "عشائرِه".
(٨) ط: "فنظره".

<<  <  ج: ص:  >  >>