للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفرُّ إليه هو الذي قضى وقدر وشاء ما يفرُّ منه؛ فإنه لا يبقى في القلب التفات إلى غيره بوجه (١).

فتفطَّنْ لهذا (٢) السرِّ العجيب في قوله: "أعوذ بك [منك] (٣) "، و"لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك"؛ فإن الناس قد ذكروا في هذا (٤) أقوالا، وقلَّ منهم من تَعرض (٥) لهذه النكتة التي هي لُبُّ الكلامِ ومقصوده، وبالله التوفيق.

فتأمّلْ كيف عاد الأمن كلُّه إلى الفرار من الله إليه؛ وهو معنى الهجرة إلى الله [تعالى]. ولهذا قال النبي : "المهاجر من هَجَرَ ما نهى الله عنه" (٦).

ولهذا يَقْرِنُ سبحانَه بين الإيمان والهجرة في القرآن (٧) في غير موضع؛ لتلازمهما واقتضاءِ أحدِهما للآخر.

والمقصود أن الهجرة إلى الله تتضمنُ هجران ما يكرهه، وإتيان ما يحبه ويرضاه، وأصلها الحبُّ والبُغض؛ فإن المهاجر من شيء


(١) "بوجه" ساقطة من ط.
(٢) ط، ق: "في هذا". ض: "إلى هذا".
(٣) زيادة من ط، ق.
(٤) ق: "ذلك".
(٥) ط: "من تعرض منهم".
(٦) أخرجه البخاري (١٠، ٦٤٨٤) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٧) "في القرآن" ساقط من ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>