للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وما التقوى؟ قال: "أن تعملَ بطاعةِ الله على نور من الله، ترجو ثوابَ الله، وأن تتركَ معصية اللهِ على نور من الله، تخاف عقاب (١) الله". (٢)

وهذه (٣) من أحسنِ ما قيل في حَدِّ التقوى (٤)، فإن كلَّ عمل لابدَّ له من مبدأ وغاية، فلا يكون العملُ طاعةً وقُرْبةً حتى يكون مصدرُه عن الإيمان، فيكون الباعثُ عليه هو الإيمان المحض، لا العادةُ ولا الهوى ولا طلبُ المَحْمَدَةِ والجاهِ وغير ذلك، بل لابدَّ أن يكون مبدؤه محض الإيمان، وغايته ثوابَ الله تعالى، وابتغاءَ مرضاتِه، وهو الاحتساب.

و [لهذا] (٥) كثيرا ما يُقْرَنُ بين هذين الأصلين في مثل قول النبي ﷺ: "مَن صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا" و"من قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا" (٦)، ونظائره.


(١) ق، د: "عذاب".
(٢) أخرج هذا الأثر: ابن المبارك في الزهد (ص ٤٧٣) وهناد في الزهد (١/ ٢٩٦) وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٦٤) والبيهقي في الزهد (رقم ٩٦٣) وغيرهم، وإسناده صحيح.
(٣) ط: "وهذا".
(٤) قال الذهبي في "السير" (٤/ ٦٠١) تعليقًا على هذا القول: أبدعَ وأوجز، فلا تقوى إلا بعمل، ولا عمل إلا بتَروٍّ من العلم والاتباع. ولا ينفع ذلك إلا بالإخلاص لله. لا ليقال: فلان تارك للمعاصي بنور الفقه، إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها، ويكون الترك خوفًا من الله، لا ليُمدَح بتركها. فمن داومَ على هذه الوصية فقد فاز.
(٥) من ط وسائر النسخ.
(٦) قطعتان من حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (١٩٠١ ومواضع أخرى) ومسلم (٧٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>