للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه حذف المبتدأ، والتقدير أنتم منكرون، فتذمَّم منهم، ولم يُواجهْهم بهذا الخطاب لما فيه من بعض الاستيحاش، بل قال: ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥)﴾، ولا ريب أن حذف المبتدأ في هذا من محاسن الخطاب (١)، وكان النبي لا يُواجِهُ أحدًا بما يكرهُه، بل يقول: "ما بالُ أقوامٍ يقولون كذا، ويفعلون كذا" (٢).

والثاني: قوله ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾؛ فحذف فاعل الإنكار، وهو الذي كان أنكرهم؛ كما قال تعالى في موضع آخر: ﴿نَكِرَهُمْ﴾ (٣)، ولا ريب أن قوله: ﴿مُنْكَرُونَ (٢٥)﴾ ألطفُ من أن يقول: أنكرتُكم.

وقوله: ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٢٧)﴾ متضمنٌ وجوهًا من المدح، وآداب الضيافة، وإكرام الضيف:

منها: قوله ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ﴾، والروغانُ: الذهاب في سرعة (٤) واختفاءٍ، وهو يتضمن المبادرة إلى إكرام الضيف، والاختفاءُ ترك


(١) "بل قال. . . الخطاب" ساقطة من ط.
(٢) وردت أحاديث كثيرة بهذا الأسلوب، مثل قوله : "ما بالُ أقوامٍ يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ ". أخرجه البخاري (٧٥٠) عن أنس. وقوله: "ما بالُ أقوامٍ يتنزهون عن الشيء أصنعُه؟ "، أخرجه البخاري (٦١٠١، ٧٣٠١) ومسلم (٢٣٥٦) عن عائشة.
(٣) سورة هود: ٧٠.
(٤) ط: "بسرعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>