فتقديره: لجعل الله - تعالى - ذلك؛ لأن إخباره عن نفسه إخبار عن الله - تعالى - كما تقدم.
وأما قوله عليه السلام:(عسيت - إن شاء الله - أن أنهي أمتي أن يسموا نافعًا، وأفلح، وبركة).
فلا يتعين لهذه المسألة، بل يظهر أنه من مسألة أخرى، وهي أنه - عليه السلام - قد فوض إليه الاجتهاد؛ فإن هذا من باب المفاسد التي تقارب النهي؛ فإن السائل يقول: أين بركة؟، فيقول سيده: ما بركة هنا، وهذا اللفظ يشعر بخروج البركة من المنزل؛ فيكره التلفظ بهذا اللفظ، فنهي عما يؤدي إليه.
فمتى كانت الفتاوي تبع المصالح والمفاسد، فهذه مسألة الاجتهاد، وهذه المسألة معناها أنه يختار أي شيء أراد اختياره، فيصادف الصواب في نفس الأمر، من غير اعتبار البناء على مصلحة أو مفسدة.
فهذا هو الفرق بين المسألتين، فينبغي أن يضبط؛ فإن المسألتين تلتبسان على كثير من الناس.
وأما قوله - عليه السلام - في ماعز:(كنتم تركتموه حتى أنظر في أمره):
فمعناه أنه أهل يرجع عن إقراره، فيكون ذلك شبهة تدرأ الحد عنه؛ لأنه أوحى إليه أن الحدود تدرأ بالشبهات، فليس من هذه المسألة.
وقوله عليه السلام:(كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، وعن لحوم الأضاحي:(ألا فانتفعوا بها):