للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الخامسة

قال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز أن يقول الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو للعالم: (احكم، فإنك لا تحكم إلا بالصواب؟): فقطع بوقوعه مويس بن عمران. وقطع جمهور المعتزلة بامتناعه، وتوقف الشافعي - رضي الله عنه - في امتناعه وجوازه، وهو المختار؛ وصحة هذا التوقف لا تظهر إلا بالاعتراض على أدلة القاطعين.

أما المانعون: فقد تعلقوا تارة بما يدل على امتناع وقوعه، وأخرى بما يدل على عدم وقوعه.

أما الوجه الأول: فتقريره: أن من أجاز هذا التكليف: إما أن يجعل الاختيار مما تتم به المصلحة، أو يجعل الفعل مصلحة في نفسه، ثم يختاره المكلف.

والأول باطل؛ لوجهين:

أحدهما: أن على هذا التقدير: يسقط التكليف؛ لأن المكلف، متى قال: (إن اخترته، فافعله، وإن لم تختره، فلا تفعله) فهذا محض إباحةٍ.

وثانيهما: أن المكلف لا ينفك عن الفعل والترك، ولا يجوز تكليف المرء بما لا يمكنه الانفكاك عنه؛ بخلاف التخيير في الكفارات الثلاث؛ فإنه يمكنه الانفكاك عنها أجمع.

وأما الثاني: فهو باطل من وجوهٍ أربعةٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>