المسألة الأولى: في تفسير لفظتي الحقيقة والمجاز في أصل اللغة: أما الحقيقة فهي فعلية من الحق، ويجب البحث هاهنا عن أمرين:
أحدهما: أن الحق في اللغة هو الثابت؛ لأنه يذكر في مقابلته الباطل، فإذا كان الباطل هو المعدوم، وجب أن يكون الحق هو الثابت.
وثانيهما: البحث عن وزن الفعيلة، وفيه أيضا بحثان:
الأول: أن الفعيل قد يكون بمعنى المفعول، وقد يكون بمعنى الفاعل فعلى التقدير الأول معنى الحقيقة المثبتة؛ وعلى التقدير الثاني: الثابتة.
الثاني: أن الياء في الفعيلة؛ لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية الصرفة؛ فلا يقال: شاة أكيلة ونطيحة.
وأما المجاز، فهو مفعل من الجواز الذي هو التعدي في قولهم: جزت موضع كذا، أو من الجواز الذي هو قسيم الوجوب والامتناع، وهو في التحقيق راجع إلى الأول؛ لأن الذي لا يكون واجبا ولا ممتنعا كان مترددا بين الوجود والعدم؛ فكأنه ينتقل من الوجود إلى العدم، أو من العدم إلى الوجود، فاللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي شبيه بالمنتقل عن موضوعه؛ فلا جرم سمى مجازا.