لا نسلم أنه أمر بالقياس، بل نقطع بنفي الفوارق، ولا يلحق النبيذ بالخمر، وإن قطعنا بنفي الفوارق، حتى يتمحض أنا إذا لم نفعل ذلك فقد خالفنا مقصود الشرع.
وكون الشرع له مقصود- في القياس- فرع دلالة الدليل على القياس، فحينئذ لا بد مع ذلك من دليل يدل على القياس، وأما أنا نقطع بأن كل نار محرقة، فذلك بدليل العادة والاستقراء المحصل للقطع العادي، لا المشترك بين أفراد النيران، وكلك العلل العقلية حصل القطع بترتب أحكامها في جميع صور عللها؛ لدلالة الدليل العقلي على ذلك، لا لمجرد العلة.
(سؤال)
قال النقشواني: الفرق بين الفعل والترك قوى؛ لأن القائل:(أعط هذا الفقير لفقره)، لا يلزم منه إعطاء كل فقير؛ لاحتمال أن يكون القصد إعطاء قدر م المال لهذه العلة، فلا يزاد عليه.
وكذلك إذا قال لوكيله:(اشتر هذا العبد لكونه تركًا) لا يشتري كل عبد لكونه تركيًا بخلاف قوله: (لا تشتر هذا العبد لكونه أسود)؛ فإنه لا يشتري شيئًا من العبيد السود.
(جوابه)
أن ذلك معلم بالعرف مع العلة؛ فإن العادة اقتضت أن الإنسان لا يخرج جميع أمواله لهذا الغرض، بل يقيد واحد موصوف بصفة خاصة، ولا تتبع تلك الصفة في جميع مواردها.