قال الشيخ: أبو إسحاق في (اللمع): (لا يجوز للمستفتى أن يستفتى كل من يتزيا بزى أهل العلم، ويدعيه، ويعتزى إليه، كالقضاة، وغيرهم؛ لأنا لا نأمن أن يكون المسئول غير فقيه، أو غير أمين يتساهل في الأحكام، بل لا بد أن يعرف حال المفتى في الفقه، والأمانة، ويكفيه في ذلك خبر عدل؛ لأن طريقه الخبر، وكذلك قاله الباجى المالكي في (الفصول).
وقال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (اختلفوا في الطرق التي عليها يعتمد: فقيل: يجتهد بانتشار اسمه وصفته.
وقيل: يسأله هل أنت أهل للتقليد أمن لا؟ فإن أقر بذلك قلده.
وقيل: يحلفه على ذلك، وقد كان على بن أبي طالب -رضي الله عنه -يحلف الرواة عن رسول الله عليه السلام.
(مسألة)
قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (لله -تعالى -على الأحكام أدلة من الكتاب، أو السنة، أو القياس، خلاف لمن قال: لا دليل على الحكم سوى ظن المجتهد.
لنا: قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}[النساء: ٥٩]؛ ولحديث معاذ، ولإجماع الناس على أنهم يفزعون عند نزول الحوادث إلى هذه المدارك ومناظرات بعضهم بعضًا بها.
كما احتجوا بأنه لو كان عليه أمارة متعينة من كتاب أو سنة، أو قياس لوجب إذا نظر فيها المجتهد أن يؤديه إلى ما قاله خصمه، كمن سلك طريقًا إلى مقصد؛ كل من سلكه أداه إليه جوابه أن أحدهما قد يقتصر في اجتهاده.