للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أصل الإشكال؛ بأن قاعدة الحكمة مبنية على قاعدة الحسن والقبح، وقد تقدم إفسادها

المسألة الأولى

المعدوم يجوز أن يكون مأمورا

قال القرافي: قوله: " أمر الرسول عليه السلام إخبار عن أن الله تعالى يأمر كل واحد منا عند وجوده؛ لا أنه مأمور حالة عدمه ".

قلنا: الحق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير آمر، ولا ناه، ولا مشرع، إنما هو مبلغ عن الله تعالى، والله تعالى هو المشرع وكل مبلغ مخبر، فالرسول عليه السلام مخبر، لكن مخبرنا عن الله تعالى أنه أمرنا بأمره القديم الأزلي في الأزل على تقدير وجودنا، كما علمنا بعلمه القديم، وحصل التعلق في الأزل بما سيوجد من الحركات في المستقبل، فكما تعلق العلم بالمستقبل يتعلق الخطاب في المستقبل بالمعدوم، ولا نزاع في ذلك، وأخبر الرسول عليه السلام أيضا أنا إذا وجدنا، وحصلت شروط خاصة بذلك الزمان هو زمان تعلق أمر الله تعالى وأحكامه، والكائن قبل تلك الشروط ليس متعلق الحكم فالكلام وتعلقه قديمان كالعلم وتعلقه والمتجدد ومتعلقه، وكما يستحيل وجود علم بلا معلوم يستحيل وجود أمر بلا مأمور، لكن الأمر في الأزل بالتعلق في الأزل على شرائط مخصوصة، وكذلك يتعلق العلم على شرائط مخصوصة، فما علم الله أن زيدا يصير عالما، ويعيش مائة سنة إلا بناء على أسباب كثيرة، وشرائطه متعددة في كل يوم شرائط كثيرة لضرورة الحياة من النفس، والغذاء أو أسباب عادية في الحفظ للعلوم، وغير الحفظ، فالبابان سواء، فكما عقل في أحدهما التعلق في الأزل الذي سيوجد فيما لا يزال، فليفعل في الآخر وأما أنه عليه السلام أخبر بتجدد أمر الله تعالى عند وجودنا فممنوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>