ينبني على أن هذه الإضمارات، إذا قلنا بالعموم فيها، هل هو عموم لغة أو لضرورة الحاجة، وقد اندفعت بالواحد؟
فإن قلنا بالعموم؛ لأنه مقتضي اللغة، يتعين إضافة غير الراجح للراجح؛ لأن العام لغة إذا كان بعضه أرجح من بعض، يتعين اعتبار المرجوح مع الراجح؛ كقوله:" من دخل داري فأكرمه " ولا شك أن إكرام العلماء والأقارب أرجح من إكرام غيرهم، ومع ذلك يتعين إكرام الجميع؛ لعموم اللفظ.
أما غذ ليس في اللغة ما يقتضي العموم، فيتعين الاقتضاء على الراجح؛ لاندفاع الضرورة.
واعلم أن هذه المسألة بينها مشابهة، وبين الحقيقة، إذا تعذرت، وبقيت مجازات مستوية، أو بعضها أرجح، فهل يتعين الحمل على الكل، او يبقى اللفظ؛ كما قال الشافعي في المشترك، إذا تجرد عن القرائن، أو يتعين الراجح، أو يبقى اللفظ مجملا، حتى تأتي القرينة المميزة، وينبغي أيضا أن يعلم أن القائلين بأنه لا يعمم في هذه المسألة، كيف يضعون إذا استوت الإضمارا؟ هل يرجحون من غير مرجح، ويضمرون بعضها؛ تحكما بغير دليل، وهو بعيد في مجال النظر، أو لا يضمرون إلا ما دل الدليل على تعينه؛ فيصير حينئذ أرجح، لا ينبغي أن يخالفوا في ذلك، فهذه كلها مواقف ينبغي تأملها في هذه المسألة.
(فائدة)
قال سيف الدين محتجا للخصم: لفظ الرفع دل على رفع جميع الأحكام؛ لأن رفع الحقيقة مستلزم لرفع جميع أوصافها، وأحكامها، فإذا تعذر العمل بهذا الرفع في نفس الدار، بقي مستعملا فيما عداها، هذا من حيث اللغة، ومن حيث العرف أيضا؛ فإنه يقال:" ليس للبلد سلطان ولا حاكم " وفيه حاكم رديء أو سلطان كذلك، والمراد نفي جميع الصفات.