للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قول الثوري: الجماع ناسيًا يفطر، والأكل ناسيًا لا يفطر.

ففرق بين المسألتين؛ لأنه لم يجد من الأمة نصًا في أنه لا يجوز تخصيص هذا المدرك ببعض صوره، فجوز أن يكون الفرق معتبرًا، وهو أن الجماع ناسيًا في غاية الندرة لطول مقامه واحتياجه لاثنين يجتمعان فيه، ويتقدمه أمور تطول، يندر معها نسيان الصوم، والأكل مقدمة واحدة من شخص واحد لا يندر النسيان معه، فكان الأول في معنى العمد فأفطر، بخلاف الثاني.

(تنبيه)

قال التبريزي: إن اختلفوا في الحكم وقد جمعهما رابطة تجرى مجرى الحكم كالعمة والخالة تجمعهما رابطة المحرمية، فالأظهر أن الفصل بين القولين خرق للإجماع؛ لإجماع الفريقين على إسقاط الفارق.

وإنما اختلفوا في تعيين الحكم، وهذا يشترط أن يكون محل نظر الفريقين توريث المحارم وحرمانهم.

أما إن كان النظر في توريث العمة والخالة، فيتجه أن يقال: الإجماع هو الاكتفاء بالقول في الحكم لا بما يلزم من مأخذ علة الحكم المعول، والفاصل بينهما توافق كل فريق في كل صورة حكمًا.

وأما إذا لم يجمعهما رابطة، كمصير بعضهم إلى أن المسلم لا يقتل بالذمي، ولا الحر بالعبد، ومصير الباقين إلى أنهما يقتلان بهما، فلا خلاف في جواز الفصل.

وأجاب عما نقل عن ابن سيرين والثوري بأن المسألة مجتهد فيها، ولا حجة في قول الآحاد.

يريد: أن هذه النقول عن الإجماعات لم تثبت إلا بالآحاد، فلا يمنع ذلك الاجتهاد فيهان بخلاف إذا قطعنا بعدم الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>