وأما المعولون على النقل: فقد تمسكوا بقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}[الإسراء: ٣٦]{وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}[البقرة: ١٦٩]{إن الظن لا يغنى من الحق شيئًا}[النجم: ٢٨].
والجواب عن الوجوه العقلية: أنها منقوضة بالعمل بالظن في الفتوى، والشهادة والأمور الدنيوية؛ فإن من أخبر أن هذا الطعام مسموم، وحصل ظن صدقه؛ فإنه لا يجوز تناوله، ثم إنا نطالبهم فيها بالجامع العقلي اليقيني، ثم ببيان امتناع الجامع.
وأيضًا: ينتقض بتعويل أهل العالم على الظن في أمر الأغذية، والأشربة، والعلاجات، والأسفار، والأرباح، وأما التمسك بالآيات فسيأتي الجواب عنها في القياس-إن شاء الله-.
المسلك السادس
قال القرافي:(قوله: العمل بخبر الواحد يفضى إلى دفع ضرر مظنون، فكان العمل به واجبًا):
قلنا: ليس مطلق الظن معتبرٌا في الشرع؛ بدليل إخبار الفسقة والكفرة، وجماعة الصبيان، ونحو ذلك؛ فإنه ملغى مع الظن فيه، فحينئذ لا بد من مرتبة خاصة من الظن، وإذا خرج مطلق الظن عن الاعتبار، فلم قلتم: إن تلك المرتبة المعتبرة من الظن وجدت في صورة النزاع؟.
قوله:(ترك العمل بالراجح والمرجوح):
قلنا: لا نسلم؛ فإن العدل الواحد، وجماعة النساء في إثبات الدماء، والكفر، أو غيرهم يغلب على الظن صدقهم، ولا نقضى بالراجل من صدقهم، ولا بالمرجوح من كذبهم، بل يعرض عنهم، ولم يلزم محال،