قال الرازي: إذا اتفق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول، كان ذلك إجماعًا، لا تجوز مخالفته؛ خلافًا لكثيرٍ من المتكلمين، وكثيرٍ من فقهاء الشافعية والحنفية.
لنا: أن ما أجمع عليه أهل العصر الثاني سبيل المؤمنين، فيجب إتباعه؛ لقوله عز وجل:} ويتبع غير سبيل المؤمنين {[النساء:١١٥] ولأنه إجماع حدث بعد ما لم يكن، فيكون حجةً؛ كما إذا حدث بعد تردد أهل الإجماع فيه حال التفكر.
واعلم أن هذا المقيس عليه ينقض على المخالف أكثر أدلته.
احتجوا بأمورٍ:
أحدها: قوله عز وجل:} فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول {[النساء:٥٩] أوجب الرد إلى كتاب الله تعالى عند التنازع، وهو حاصل؛ لأن حصول الاتفاق في الحال لا ينافي ما تقدم من الاختلاف؛ فوجب فيه الرد إلى كتاب الله تعالى.
وثانيها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) ظاهره يقتضي جواز الأخذ بقول كل واحدٍ من الصحابة، ولم يفصل بين ما يكون بعده إجماع، أو لا يكون.
وثالثها: أن في ضمن اختلاف أهل العصر الأول الاتفاق على جواز الأخذ بأيهما أريد، فلو انعقد إجماع في العصر الثاني، لتدافع الإجماعان.