قال الرازي: نسخ الكتاب بالسنة المتواترة جائز وواقع، وقال الشافعي رضي الله عنه: لم يقع.
احتج المثبتون بصورتين:
إحداهما: أنه كان الواجب على الزانية الحبس في البيوت؛ لقوله تعالى:{فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت}[النساء: ١٥] ثم إن الله تعالى نسخ ذلك بآية الجلد، ثم إنه صلى الله عليه وسلم نسخ الجلد بالرجم.
فإن قلت: بل نسخ ذلك بما كان قرآنًا، وهو قوله:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة):
قلت: إن ذلك لم يكن قرآنًا، ويدل عليه: أن عمر رضي الله عنه قال: (لولا أن يقول الناس: إن عمر زاد في كتاب الله شيئًا، لألحقت ذلك بالمصحف) ولو كان ذلك قرآنًا في الحال، أو كان ثم نسخ، لما قال ذلك.
ولقائل أن يقول: لما نسخ الله تعالى تلاوته، وحكم بإخراجه من المصحف، كفى ذلك في صحة قول عمر، رضي الله عنه، ولم يلزم منه القطع بأنه لم يكن البتة قرآنًا.
وثانيها: نسخ الوصية للأقربين بقوله عليه السلام: (لا وصية لوارث) لأن آية المواريث لا تمنع الوصية، إذ الجمع ممكن، وهذا ضعيف؛ لأن كون الميراث حقًا للوارث يمنعه من صرفه إلى الوصية؛ فثبت أن آية الميراث مانعة