للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((تنبيه))

نفي من أوصاف العبادة القبول لم يذكره، وهو مشكل، لأن عدم القبول مع إيقاع الفعل على جميع الأمور المعتبرة في صحة ذلك الفعل إن كان معناه أن ذمته بقيت عنده مشغولة، فهو خلاف الإجماع، لانعقاد الإجماع على براءة الذمة حينئذ، وإن كان معناه شيء آخر فما حقيقته؟

والجواب: أن القبول شيء غير الإجزاء والصحة؛ لأنه ترتب الثواب على ذلك العمل، والإجزاء ولاصحة يرجعان إلى سقوط الخطاب، ومعناه لا يعاقب على الترك؛ لأنه قد فعل، وما يلزم من عدم المؤاخذة حصول الإثابة، وهذا يظهر معنى قوله تعالى: ((إنما يتقبل الله من المتقين)) [المائدة: ٢٧]، أي إنما ترتب المثوبات، ورفع الدرجات على العمل الصالح إذا كان العامل متقيا، وأما غيره فتسقط عنه العقوبة فقط، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن من الصلاة ما يقبل نصفها وثلثها وربعها))، ومنها ما تلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها مع انعقاد الإجماع على الإجزاء، أي لا يثاب عليها شيء، أو نصف الإثابة، أو ربعها، فظهر الفرق بين القبول وغيره، وأن انعقاد الإجماع على براءة الذمة لا ينافي ذلك، والمراد بالمتقين هاهنا من كثر تقواه وطاعته لله تعالى، وإلا

<<  <  ج: ص:  >  >>