كيف، وعندهم: قد أظهر علي بن أبي طالبٍ، رضي الله عنه، مع جميع رهط الهاشميين، والأمويين، والأنصار التقية؛ خوفًا من أبي بكرٍ، ومن عمر، رضي الله عنهما، مع قلة أنصارهما، وأعوانهما، فإذا جاز الخوف، والتقية في هذه الصورة، فكيف لا يخاف الرجل الواحد جميع أهل العالم عند اتفاقهم على الباطل؟
سلمنا أنه أفتى به عن اعتقاد؛ فلم لا يجوز أن يكون ذلك خطأ من باب الصغائر، وعند ذلك يحتاجون إلى إقامة الدلالة على أنه لا تجوز الصغيرة على الأئمة، فإن عولوا فيه على حديث التنفير فهو ضعيف؛ لأن العجز الشديد، والفتوى بالكفر، والفسق، وإباحة الدماء، والفروج، مع الأيمان الغليظة - أدخل في باب التنفير من وقوع الصغيرة، فإذا جاز ألا يكون منزهًا عنه؛ فلم لا يجوز أن يكون منزهًا عن الصغيرة؟
فهذا ما على هذه الطريقة من الاعتراضات، ومن أحاط بها، تمكن من القدح في جميع مذاهب الشيعة أصولا وفروعًا؛ لأن أصولهم في الإمامة مبنية على هذه القاعدة، ومذاهبهم في فروع الشريعة مبنية على التمسك بهذا الإجماع، والله أعلم.
المسألة الرابعة
قال القرافي: قوله: (لا فرق في العقل بين عدم فعل اللطف وبين فعل المفسدة).
قلنا: لا نسلم، بل العقلاء أجمعون يفرقون بين من لم يعطهم ماله وبين من سبهم فإنهم لا يتأذون من الأول، ويتأذون من الثاني.
قوله:(يكفي في قبح الفعل اشتماله على جهة واحدة من جهات القبح):