قال الرازي: ذهب اصحابنا إلى أن المأمور: إنما يصير مأمورا حال زمان الفعل، وقبل ذلك، فلا أمر؛ بل هو إعلام له؛ بأنه في الزمان الثاني سيصير مأمورا به، وقالت المعتزلة: إنه إنما يكون مامورا بالفعل قبل وقوع الفعل.
لنا: أنه لو امتنع كونه مأمورا حال حدوث الفعل، لامتنع كونه مأمورا مطلقا؛ لان في الزمان الأول، لو أمر بالفعل، لكان الفعل: إما أن يكون ممكنا في ذلك الزمان، أو لا يكون:
فإن كان ممكنا، فقد صار مأمورا بالفعل حال إمكان وقوعه.
وإن لم يكن ممكنا، كان مأمورا بما لا قدرة له عليه؛ وذلك عند الخصم محال.
فإن قلت: إه في الزمان الأول مأمور لا بأن يوقع الفعل في عين ذلك الزمان؛ بل بأن يوقعه في الزمان الثاني كنه:
قلت: قولك: " إنه في الزمان الأول مأمور بأن يوقع الفعل في الزمان الثاني "
إن عنيت به؛ أن كونه موقعا للفعل لا يحصل إلا في الزمان الثاني، ففي الزمان الأول: لم يكن موقعا ألبتة لشيء، وليس هناك إلا نفس القدرة؛ فيمتنع أن يكون في ذلك الزمان مأمورا بشيء.
وإن عنيت به؛ أن كونه موقعا - يحصل في الزمان الأول، والفعل يوجد في الزمان الثاني، فنقول:
كونه موقعا: إما أن يكون نفس القدرة، أو أمرا زائدا عليها: فإن كان نفس