وقوله:"مرادنا أنا لا نعلم الحكم والحظر، أو الإباحة ".
معناه: أن نسلم أن الإباحة نقيض الحظر، وأن عدم الحظر هو الإباحة، وأن النقيضين لا واسطة بينهما، وأن القضاء بانتفائهما قبل الشرع أو في أي زمان كان محال، غير أ، عدم العلم بأيهما الواقع ممكن لا محظور فيه، فنحن لا ندري ما الواقع من ذينك النقيضين، كما أنا لا نعلم هل زيد في الدار أم لا؟ مع أن الواقع أحدهما بالضرورة، ولا يكون ذلك قضاء بارتفاع النقيضين، بل قضاء بعدم العلم بالواقع منهما، والفرق بين البابين ظاهر، وهذا على مذهب غير الشيخ أبي الحسن الأشعري، أما على رأيه فيتعين الوجه الثاني، وهو منع أن الإباحة عدم الحظر، بل ضده، والأحكام الرعية كلها أضداد، وليس فيها شيء نقض شيء، ورفعها كلها ممكن، وقد تقدم بيان أن كلام الله تعالى لا يجب أن يكون فيه حكم، بل اللازم له الخبر فقط، وقد تقدم بسطه.
((تنبيه))
ينبغي أن تعلم أن المعتزلة حكمت عقولها بحسب الإمكان، فلما وجدت المصالح والمفاسد رطبت بها الأحكام الربانية، ولما فقدتها فيما لم يطلع العقل عليه بمفسدة، ولا مصلحة اعتدموا على أقيسة عادية غير المفاسد والمصالح، وهو دأبهم أبدا في جعل الأمور العادية أحكاما إلهية، ومنه نشأ الفساد في قاعدة الحسن والقبح في جميع الفروع المتفرعة منها من خلق الأفعال وإرادة الكائنات، فهم في هذه المسألة جروا على ذلك، وعدوا إلى علة أخرى، ومدرك آخر، لما تعذر الأول، فلا تعتقد أن المردك واحد.
((تنبيه))
الاستدلال بالفواكه وافق "المحصول" فيه "المستصفى"و"الإحكام"، والأبياري والمازري مع أن الفواكه من قسم ما يدرك العقل مصلحته في الأجسام بالدواء، والغذاء، والالتذاذ وغير ذلك، فنقل الاستدلال به عن