وقال الإمام في (البرهان): أهل الحق يجوزون تكليفه بفعل المأمورات، وترك المنهيات.
ومنعت المعتزلة تكليفه على وفق الإكراه، وجوزواالتكليف على خلاف الإكراه، كما يحرم عليه قتل من أكره على قتله.
وفرقت الحنفية بين الإقرار بالأسباب وبين إنشائها، فلا يؤثر عندهم في الإقرار، بخلاف الإنشاء يؤثر فيه.
والفرق: ان الإقرار ليس هو سببا في نفسه، بل دليل السبب، أما السبب إذا قارنه المانع الذي هو الإكراه لا يعتبر، وفي الإقرار ما تعين صفة السبب، فهذه نبذ من الخلاف في الإكراه.
قوله:" الإكراه لا ينافي التكليف؛ لأن الفعل إما أن يتوقف على الداعي أو لا يتوقف، وإنما يكون الفعل إما واجبا او ممتنعا ".
قلنا: الوجوب الناشئ عن الداعية وعدمها يوجب تعذر الفعل عقلا، ولا يمتنع الاختيار فيه عادة، ولا مدح فاعله وذمه، وأما الإكراه فيمنع الإختيار في الفعل عادة، وتعذر بالإقدام عليه نفيا للمفسدة العظيمة الناشئة من الإكراه، بخلاف الوجوب العقلي الناشئ عن العلم والداعية، وغير ذلك، وقد تقدم الكلام على هذه المقامات في مسألة الحسن والقبح.
(تنبيه)
المكره له حالتان:
حالة لا اختيار له فيها، كمن يحمل ويدخل في الدار، فهذا لا خلاف أنه لا يتعلق به حكم من التكاليف.