الأول: أن الترجيح، لو اعتبر في الأمارات، لاعتبر في البينات في الحكومات؛ لأنه لو اعتبر، لكانت العلة في اعتباره ترجيح الأظهر على الظاهر، وهذا المعنى قام ها هنا.
الثاني: أن إيماء قوله تعالى: {فاعتبروا}[الحشر: ٢] وقوله- عليه الصلاة والسلام-: (نحن نحكم بالظاهر) يقتضي إلغاء زيادة الظن.
والجواب عن الأول والثاني: أن ما ذكرته دليل ظني، وما ذكرناه قطعي، والظني لا يعارض القطعي.
القسم الثاني
(في مقدمات الترجيح)
قال القرافي: قوله: الترجيح: تقوية أحد الطرفين):
قلنا: قد تقدم أول الباب كلام السيف في هذا المعنى، فيضم إلى هذا المسألة الثانية الأكثر، وإن اتفقوا على جواز الترجيح.
قوله: (قوى أبو بكر خبر المغيرة في ميراث الجدة؛ لموافقة محمد بن مسلمة.
قلنا: لم يتعارض في الجدة خبران، وليس هذا موطن الترجيح، بل اتفق أن ابن مسلمة روى مع المغيرة، وكذلك خبر أبي موسى في الاستئذان بموافقة أبي سعيد لم يكن تعارضا، وأنتم اشترطتم أول الباب التعارض في حقيقة الترجيح.
وهاهنا أوردتموه بغير تعارض بل فعل ذلك عمر- رضي الله عنهم أجمعين- لا لقصد الترجيح، بل لسد الذريعة في الجرأة على الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.