قال الرازي: اختلفوا فيما إذا كان مذهب الراوي بخلاف روايته:
فالأول: هو قول بعض الحنفية: الراوي للحديث العام، إذا خصه رجع إليه؛ لأنه لما شاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كان أعرف بمقاصده، ولذلك حملوا رواية أبي هريرة في ولوغ الكلب:"أنه يغسل سبعًا" على الندب؛ لأن أبا هريرة كان يقتصر على الثلاث.
الثاني: وهو قول الكرخي: أن ظاهر الخبر أولى.
والثالث: أنه إن كان تأويل الراوي بخلاف ظاهر الحديث، رجع إلى الحديث، وإن كان هو أحد محتملات الظاهر، رجع إلى تأويله.
وهو ظاهر مذهب الشافعي- رضي الله عنه-.
والرابع: وهو قول القاضي عبد الجبار: إن لم يكن لمذهبه وتأويله وجه، إلا أنه علم بالضرورة قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه- وجب المصير إليه، وإن لم يعلم ذلك؛ بل جوزنا أن يكون قد صار إليه؛ لنص، أو قياس- وجب النظر في ذلك: فإن اقتضى ما ذهب إليه، صير إليه، وإلا فلا، وكذا إن كان الحديث مجملًا، وبينه الراوي، كان بيانه أولى.
حجة الشافعي- رضي الله عنه-: أن المقتضي- وهو ظاهر اللفظ- قائم، والمعارض الموجود- وهو مخالفة الراوي- لا يصلح أن يكون معارضًا؛ لاحتمال أن يكون قد تمسك في تلك المخالفة بما ظنه دليلًا؛ مع أنه لا يكون كذلك.