قولكم لو صح: إما من اللفظ، أو من المعنى، هذا كله إنما يصح، إذا كان الاستثناء المنقطع إخراجاً، فلم قلتم: إن المنقطع إخراج، بل هو مقدار عند النحاة، ولكن إلا ليس فيها إخراج، فلا يستقيم تقسيمكم فى الإخراج.
"قاعدة"
لا تكاد تجد أحداً يفهم، إلا ويقول: المنقطع: هو المستثنى من غير الجنس، والمتصل: هو المستثنى من الجنس.
هذا هو المسطور فى كتب الأدباء والنحاة، والأصوليين، وهو غلط فى القسمين؛ فإن قوله تعالى:(لا تأكلوا أمواكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة) النساء: ٢٩. المحكوم عليه بعد "إلا" هو المحكوم عليه قبلها، ومع ذلك هو منقطع، وكذلك فوله تعالى:(لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) الدخان: ٥٦. والمحكوم عليه أولاً هو جملة أفراد الموت، والمحكوم عليه بعد "إلا" هو الموتة الأولى، وهى بعض أفراد الموت، ومن جنسه، ومع ذلك، فهو منقطع، وكذلك قوله تعالى:(إلا خطأ) النساء: ٩٢. أى: إلا قتلاًّ خطأ، ومعلوم أن القتل الخطأ بعض أفراد القتل، ومع ذلك، فهو منقطع؛ فيبطل بهذه النظائر حد المتصل؛ لأنه يصير غير مانع بدخولها فيه؛ لأنها من الجنس ـ وحد المنقطع؛ لأنه يصير غير جامع؛ لاشتراطهم فيه أن يكون المستثنى من غير الجنس؛ فيبطل التفسيران، بل الحق أن نقول: المتصل: هو أن تحكم على جنس ما حكمت عليه أولاً؛ بنقض ما حكمت به، وإلا فلا بد فى المتصل من هذين القيدين، ومتى انجزم أحدهما، صار منقطعاً، إما بأن يحكم على غير الجنس، أو بغير النقيض، قيكون المنقطع متنوعاً إلى نوعين، والمتصل نوع واحد؛ فقوله تعالى:(لا يذوقون فيها الموت) الدخان: ٥٦. حصل الانقطاع للحكم بعد "إلا"