غير الضرورة؛ لأن المضاف والمضاف إليه كالجملة الواحدة، فكان نعت أحدهما نعتًا للآخر؛ بخلاف الآية.
ورابعها: أن التقدير في البيت (مزمل الكبير)، وفي الآخر ضرب جحره)، وحذف ذلك، وهذا متعذر في الآية.
(مسألة)
قال: أنكر الشافعي على من تناول ما يخرج الكلام إلى حيز التعطيل، كما أولوا آية الصدقات بأن المراد الحاجة كيف كانت، وجوزوا الاقتصار على البعض؛ فلا يبقى لذكر هذه الأصناف فائدة.
واحتج الشافعي بالوصية، فإنه لو وصى لهذه الأصناف، لم يجز الاقتصار على بعض الأصناف، فكذلك كلام الشارع، مع أن بعض المتأخرين منع في الوصية أيضًا، وهو باطل.
(مسألة)
قال: ومن فاسد التأويل رد الحنفية قوله تعال: {فإطعام ستين مسكينًا}[المجادلة: ٤] إلى أن معناه: فإطعام طعام ستين مسكينًا، قدروا العدد للطعام؛ لترويج مذهبهم في جواز إطعام الطعام كله لمسكين واحد، وهذا بعيد من قواعد العرب؛ لأن الإطعام يتعدى لمفعولين، تقول: أطعمت زيدًا خبزًا.
ويجوز الاقتصار على أحدهما؛ لأنهما من باب (أعطى) و (كسا) لا من باب (ظننت) وأخواتها؛ لأنهما لا ينظم منهما مبتدأ وخبر، فأظهر الله - تعالى - أحد المفعولين؛ اعتناء به، وسكت عن الآخر الذي هو الطعام المطعم ليدل هذا المنطوق به عليه؛ فإن الستين يدل على عددهم على مقدار ما يطعمونه، فجعل هذا هو المهم لا يتم في معنى الآخذ الفاعل، فعكس الحنفية القضية، وجعلوا المهتم به الذي هو العدد المذكور ألغاه نظر الشرع،