قال الرازي: إذا أمر جمعا بصيغة الجمع، أفاد الاستغراق فيهم؛ والدليل عليه: أن السيد، إذا أشار إلى جماعة من غلمانه بقوله:" قوموا " فليس يتخلف عن القيام أحد، إلا استحق الذم؛ وذلك يدل على أن اللفظ للشمول، ولا يجوز أن يضاف ذلك إلى القرينة؛ لأن تلك القرينة، إن كانت من لوازم هذه الصيغة، فقد حصل مرادنا، وإلا فلنفرض هذه الصيغة مجردة عنها، ويعود الكلام، والله أعلم.
المسألة السابعة
قال القرافي: أمر الجمع بصيغة الجمع، يقتضي العموم فيهم.
أصلح التبريزي هذه الفهرسة؛ فقال:" الخطاب مشافهة بصيغة الجمع ".
والحاصل أن الضمير في " قوموا " ونحوه من ضمائر الخطاب، هل يقتضي العموم؟
قلت: وهذه المسألة يتعين فيها التفصيل: فإن كان المخاطب المتكلم متحيزا مختصا بجهة، اختص الخطاب لمن في جهته، ويكون عاما فيهم، وهو مراد المصنف، وإن كان المتكلم هو الله تعالى المنزه عن الجهات، عم الخلائق الصالحة لذلك الخطاب كلهم؛ لأنه تعالى لما لم يكن في جهة، كانت نسبة الجهات كلها إليه نسبة واحدة، فلم يختص الحكم ببعض الجهات؛ بخلاف المخلوق، لما اختص بجهة وحيز، اختص خطابه بأهل جهته وحيزه. وكذلك النداء يختص في حق المخلوق لمن يصلح لذلك النداء؛ فقول الله تعالى:{يأيها الناس}[البقرة: ٢١] يعم الناس في جميع الأرض،